مورينيو .. هبط الغرور إلى أرض مدريد بين أسوار سانتياجو بيرنابيو

غير نادي ريال مدريد العملاق لكرة القدم مجرى تاريخه في حزيران/يونيو الماضي عندما أقدم على أحدث محاولاته الكبيرة لتحدي سيطرة خصمه العتيد برشلونة على الألقاب المحلية في أسبانيا.

فبين أسوار ملعب "ستاديو بيرنابيو" لطالما كان الرجال المهمون هناك هم رئيس النادي ومدير الكرة فيه ، ولكن نادرا ما كان مدرب النادي الملكي يتمتع بأي أهمية.

كان العرف السائد في ريال مدريد هو أن رئيس النادي يمنح مدير الكرة فيه سلطات موسعة لبيع وشراء اللاعبين وتعيين وإقالة المدربين.

أما المدرب ، الذي لم يكن من عادته البقاء طويلا في منصبه ، فلم يكن له أبدا ذلك الحق في مسألة بيع وشراء اللاعبين وعادة ما كان يشكو من افتقاده النفوذ الذي يحتاجه.

وخلال السنوات القليلة الماضية أقال ريال مدريد مدربين كبار مثل يوب هينكيس وفيسينتي ديل بوسكي وفابيو كابيللو وبيرند شوستر من مناصبهم رغم نجاحهم في إحراز ألقاب للنادي ، وغادر جميعهم القلعة البيضاء وهم يشكون من افتقادهم السلطة والنفوذ والانفراد باتخاذ القرار.

وأقيل هينكيس من منصبه التدريبي في عام 1998 بعد أسبوع واحد من قيادة ريال مدريد إلى لقب بطولة دوري أبطال أوروبا في أول لقب يحرزه النادي الأسباني بالبطولة الأوروبية الكبيرة خلال 32 عاما ، وأكد هينكيس لدى مغادرته ريال مدريد أن "هذا النادي ببساطة لا يعرف كيف يعامل مدربيه بالطريقة اللائقة".

وفي أيار/مايو الماضي أقيل مانويل بيليجريني من تدريب ريال مدريد بعدما قاد الفريق لجمع عدد قياسي من النقاط في موسم واحد من الدوري الأسباني بلغ 96 نقطة بخلاف تسجيل الفريق أكبر رصيد من الأهداف في موسم واحد منذ عام 1990 ، وهذا إلى جانب رغبة جماهير النادي في استمراره بمنصبه.

ولكن بدلا من استقطاب مدرب جديد ومنحه سلطات محدودة ، قرر رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز تغيير تاريخ النادي بتعيين البرتغالي جوزيه مورينيو.

وعلقت محطة "راديو ماركا" الإذاعية على الأمر في الأسبوع الماضي قائلة: "كان قرارا تاريخيا .. لأنه للمرة الأولى تم تعيين مدرب بعدما حصل على وعد بمنحه سلطات حقيقية وقدرة على اتخاذ القرارات بمفرده".

وللمرة الأولى تقريبا في تاريخ ريال مدريد سيكون النجم "الجالاكتيكو" الأبرز في النادي جالسا على مقعد المدرب وليس في الملعب.

ويعرف بيريز بلقب "ملتهم المدربين" بسبب إقالته ستة مدربين خلال فترة رئاسته للنادي الممتدة إلى سبعة أعوام ، ولكن يبدو أنه أدرك أخيرا أن ريال مدريد لن يتمكن أبدا من اللحاق ببرشلونة إلا بإعطاء مدرب قوي نفس القدر من السلطات التي يتمتع بها المدرب بيب جوارديولا في برشلونة.

وهذا يعني أن يكون للمدرب الكلمة في مسألة شراء وبيع اللاعبين في النادي ، وعدم حدوث أي تدخل من الرئيس أو مدير الكرة بأي شكل.

وكتبت صحيفة "آس" الرياضية المدريدية قبل أسبوعين أن "بيريز يعلم جيدا أن مورينيو ليس رجلا يمكن التلاعب به ، وأن رد فعله سيكون قويا تجاه أي محاولة للتدخل".

وتعتبر العلاقة بين بيريز ومورينيو من أهم العوامل التي ستساعد على نجاح ريال مدريد هذا الموسم.

ومن العوامل المؤثرة المهمة الأخرى العلاقة بين مورينيو وخورخي فالدانو مدير عام النادي ومدير الكرة فيه.

ومن الواضح للجميع أن مورينيو وفالدانو بعيدان كل البعد عن بعضهما الآخر سواء على مستوى أسلوب كرة القدم أو على مستوى صورته العامة أمام الجماهير.

فقد كان من الواضح للجميع أن فالدانو لم يحبذ إقالة بيليجريني وتعيين مورينيو مكانه ولكن بيريز هو من أصر على هذا التغيير. وتوقعت غالبية جماهير ريال مدريد ، بل وتمنت حسبما أظهرت استطلاع الرأي على الإنترنت ، أن يستقيل فالدانو من منصبه لاتاحة المساحة أمام مورينيو ليكون صاحب الكلمة الوحيد.

ولكن المسئول الأرجنتيني تمسك بمنصبه في ريال مدريد ، وحتى الآن لم تحدث أي خلافات بينه وبين مورينيو.

وعندما قدم فالدانو مورينيو كمدرب جديد لريال مدريد في حزيران/يونيو الماضي ، فاجأ فالدانو الجميع باعتذاره للمدرب البرتغالي عن مهاجمته لأسلوبه في اللعب عبر سنوات طويلة وفي مقالات مختلفة.

وإذا نجح فالدانو وبيريز في مقاومة إغراء التدخل وتركا مورينيو يمارس مهام وظيفته كيفما شاء ، فلا شك في أن ريال مدريد سيكون منافسا شرسا ومتعبا أمام برشلونة هذا الموسم.

وكعادته كان ريال مدريد النادي الأكثر إنفاقا في أسبانيا هذا الصيف حيث دفع نحو 80 مليون يورو (72ر101 مليون دولار) لشراء اللاعبين ريكاردو كارفاليو وسيرخيو كاناليس وسامي خضيرة ومسعود أوزيل وبيدرو ليون وأنخيل دي ماريا.

وجاء معظم هؤلاء اللاعبين بطلبات مباشرة من مورينيو ، وبينما سيجلب كارفاليو الخبرة إلى خط الدفاع فإن الآخرين سيجلبون الشباب والطموح لخط الوسط.

وعقب فوزه 3/1 على فريق إيركوليس وديا في أليكانتي أمس الأول الأحد أشارت صحيفة "ماركا" المدريدية أمس الاثنين إلى أن "بشائر الموسم الجديد جيدة للغاية".